صنعاء – أحمد الأغبري ( مجلة دبي الثقافية )
لأكثر من نصف قرن تواصلت
عطاءات الفنان اليمني الكبير محمد مرشد ناجي مطرباً ،وعازفاً ماهراً على العود،وملحناً
مجدداً،وباحثاً ومؤرخاً موسيقياً أسهم بأدوار رائدة في إثراء الأغنية اليمنية ،وتجديد
وتطوير قوالبها اللحنية والأدائية وتراكيبها الإيقاعية،وتعزيز حضورها في الساحة
العربية،متموضعاً باعتراف الجميع على رأس قائمة أهم رموز حركة التجديد الغنائي في بلاده
..
ارتبطت تجربته الفنية بوعي وطني منذ وقت مبكر ؛فالتزم
خط الدفاع الأول عن قضايا الوطن والمواطن،ولم ينفر من معارك الكفاح ضد المستعمر
البريطاني في عدن، بل خاضها معززا مشاركته فيها بدور فني أسس من خلاله حضورا قوياً
ومتميزاً للأغنية الوطنية في اليمن،مجسداً من خلالها الدور الحقيقي للفن في حياة
المجتمع..وانطلاقا من هذه القناعات كان شغفه باستيعاب تراث اليمن الموسيقي
والغنائي وإلمامه بقضايا الموسيقى العربية إيمانا منه أن ثقافة الفنان هي وحدها
الكفيلة ببلورة رؤيته وبالتالي تمكينه من مشروعه الفني باتجاه تحقيق إضافة نوعية
للفنية الموسيقية.
منذ انطلاقته الأولى في إذاعة
عدن في خمسينيات القرن الماضي وعلى مدى تجربته ؛استطاع الفنان المرشدي (وهو الاسم
الذي اشتهر به) أن يؤدي وبتميز كل ألوان الغناء اليمني،وأن يكتشف بعض هذه الألوان ويقدمها
ويسهم في تطوير قوالبها الأدائية وتراكيبها اللحنية،متفرداً في كل ذلك بخصوصية أسس
معها مدرسة فنية تخرج فيها العديد من الفنانين اليمنيين،ومثل من خلالها الأغنية
اليمنية في المهرجانات العربية،كما تعاون مع عدد من كبار الفنانين العرب،وغنى من
ألحانه بعض كبار الفنانين الخليجيين منهم الفنان الكبير محمد عبده.
من الغناء والتلحين، إلى البحث
والتوثيق والكتابة الموسيقية؛حيث اصدر عدداً من المؤلفات،يُعد بعضها ،اليوم ،من
المراجع الهامة في دراسة الموسيقى اليمنية.
على هامش تجربته الفنية شغل عدداً
من المهام منها في جنوب اليمن قبل إعادة تحقيق الوحدة عضوية البرلمان طوال عقد الثمانينات،و رئاسة اتحاد الفنانين
اليمنيين، فيما عُين بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في العام 1990 مستشاراً لوزير
الثقافة،وانتخب عام 1997عضواً بمجلس النواب...
المثير للدهشة والإعجاب في آن،
هو تحقيقه لكل تلك النجاحات ،علي الرغم من أنه لم يتلق تعليماً موسيقياً وغنائياً
أكاديمياً ،ولم يكمل ،حتى ،مشواره التعليمي النظامي ..وتقديرا لعظمة هذه التجربة
يتجدد الاحتفاء بها وتكريمها فحصد العديد من الأوسمة والجوائز،وتم تكريمه في كثير
من المهرجانات محليا وعربياً..فعلى الصعيد العربي كُرِّم مؤخراً في مهرجان الرواد
والمبدعين العرب بدمشق،وقبل ذلك كُرِّم في مهرجان البحرين الدولي للأغنية المصورة،
ومهرجان الأغنية الشعبية في سلطنة عمان وغيرها من المهرجانات،إلا انه عقب تكريمه
من بين عمالقة الطرب في الجزيرة والخليج بجائرة الأغنية المتكاملة في مهرجان آبها
2002م،فاجأنا بإعلان توقفه عن ممارسة أي نشاط فني،منقطعاً عن أي عمل،باستثناء
رئاسة لجنة التحكيم لجائزة رئيس الجمهورية في مجال الموسيقى والغناء..على هامش
مشاركته في اجتماعات هذه اللجنة بصنعاء مؤخراً التقيناه وحاورناه:
* منذ إعلان توقف نشاطك الفني ...علام تشتغل؟هل ثمة مشاريع في البحث
والكتابة استكمالاً
لما بدأته في هذا الإطار؟
- لقد بلغت من العمر أرذله ..وأي إنسان بعد سن الثمانين يصل إلى مرحلة
عمرية لا تسمح له بممارسة أي نشاط فكري على الإطلاق،ولهذا السبب أعلنت توقف نشاطي
الفني بما فيها البحث والكتابة...كما أن هذا التوقف فرصة ليقف الفنان متأملا
تجربته .
*أفهم انه لا توجد لديك أي مشاريع في البحث والكتابة بما فيها استكمال
كتابة مذكراتك؟
- لا توجد أي مشاريع اشتغل عليها حالياً نتيحه كِبَر سني،كما أن أمراض أرذل
العمر لا تسمح بتواصل عطاء الإنسان مثلما كان في كامل عافيته...والحمد الله أنني
استطعت أن أنجز بعض الكتب منها كتاب" الغناء اليمني القديم ومشاهيره
"عام 1981 الذي يُعد المرجع الموسيقي الوحيد الآن في المكتبة اليمنية،والذي
يعود إليه الباحثون والمهتمون ... لكن
مسؤولية البحث والدراسة في التراث الموسيقي والغنائي اليمني ستظل مسؤولية قائمة
لديَّ ولدى الكثير غيري من أبناء هذا البلد،ممن يشعرون بأهمية هذا الجهد وضرورة
الإسهام في جمع وتدوين هذا التراث باعتباره جزءاً من الهوية الثقافية لليمن،وفي ظل
أن التراث الموسيقي والغنائي لليمن لم يُجمع ولم يوثق حتى اليوم على أسس علمية
مدروسة،أي أن الغناء اليمني القديم سيظل مهدداً بشكل مباشر إذا لم تتخذ الجهات
المعنية إجراءات كافية للحفاظ عليها، على
نحو يوثقه وينقله للأجيال القادمة، خاصة الألحان الموسيقية والأغاني التراثية الأصيلة
المحفوظة في ذاكرة بعض الأفراد، وتعد عرضة للضياع بموتهم ...
المشكلةأكبر بكثير ...
* لا تنحصر مشكلة الموسيقى اليمنية بعدم توثيق تراثها،بل أن المشكلة
تمتد إلى واقعها الراهن،حيث تشهد الساحة الموسيقية اليمنية تراجعاً وعشوائية لدرجة
أن اليمن تفتقد إلى فرقة موسيقية متكاملة ومؤهلة تعزف على النوتة ،بل إن اليمن في
العقدين الآخرين لم تقدم أسماء كبيرة موسيقياً بمستوى من قدمتها سابقا كالمرشدي
وأيوب طارش وابوبكر سالم ومحمد سعد عبدالله وعطروش والحارثي والانسي...كيف تقرأ
هذه المشكلة ؟
- الساحة الموسيقية والغنائية هي بحاجة للدماء الجديدة والمواهب الشابة ،واليمن
مليئة بالفنانين الشباب،لكن التراجع الحاصل الآن هو نتيجة العشوائية،والعشوائية
نتجت عن الدولة عن مسؤوليتها تجاه الموسيقى والغناء؛فتخليها
عن واجبها في توثيق وحفظ التراث الموسيقي والغنائي تبعه تخليها عن مهامها في
الإشراف على واقع النشاط الموسيقى وتنظيمه ورعاية مواهبه وتهيئة الأجواء لانطلاق
أسماء كبيرة... ونتيجة لعدم توثيق وحفظ التراث الموسيقي والغنائي بصورة علمية
وتقديمه للجمهور؛افتقد الفنانون الشباب إلى ذلك الزخم الذي يفترض أن يستوعبوه
وينطلقوا من خلاله لتقديم إضافات نوعية للفنية اليمنية .. وفي حال توفر ذلك
التوثيق وذلك التراث ؛فان مواهب هؤلاء الفنانين تحتاج إلى الرعاية والاهتمام من
قبل الجهات المعنية ،لكن هذه الجهات تخلت عن هذا الدور،مثلما تخلت عن الدور السابق
وهو التوثيق،كما تركت الساحة الموسيقية مفتوحة دون ضابط إيقاع؛وبالتالي امتلأت
الساحة بكثير من الفنانين أنصاف المواهب بل أن يعضهم لا مواهب لديه ،أما من
يمتلكوا مواهب فكثير منهم لم يتجاوزوا محاكاة وتقليد أغاني الرواد،وهو أمر طبيعي في
ظل غياب من يوجههم ويرعاهم ويرشدهم إلى الإمساك بالخصوصية في مواهبهم، وهذا الأمر
قد يرتبط بغياب الشاعر الغنائي المتميز والملحن المتميز والفرقة الموسيقية
المؤهلة،وفي ظل هذا نجد أن كثير من هذا التقليد يقدم التراث بصورة
مشوهة...فالمشكلة معقدة تتعدد أسبابها وتتداخل لتلتقي وتنعقد خيوطها في أيدي
الدولة باعتبارها المسؤولة عن ثقافة وتراث البلد .
* أفهم من كلامك أن الدولة في اليمن وتحديدا قبل إعادة تحقيق الوحدة كانت
تقوم بدورها في هذا الاتجاه ولهذا شهدت الساحة الموسيقية حينئذ ما شهدته من
انتعاش؟
- الدولة في اليمن لم تول الموسيقى والغناء الاهتمام الكافي سواء قبل
إعادة تحقيق الوحدة أو بعدها ، لكنها كانت على الأقل قبل إعادة تحقيق الوحدة تنظم
حفلات وتقيم مهرجانات،وكان هناك اهتمام نسبي،ونتيجة لذلك كانت هناك الكثير من
الفرق الموسيقية وكان هناك الكثير من الأصوات،علاوة على ظروف تلك المرحلة التي
كانت تملأ روح الفنان بالتحدي لإثبات موهبته والانطلاق بتجربته لخدمة كثير من
القضايا التي يؤمن بها ،أما الآن فثقافة العصر نالت من كل شي بما فيها القضية والفتور
شمل كل شيء حتى الفنان ...أتذكر أننا كنا خلال فترة الاحتلال في عدن نشارك في
مهرجانات،وحتى بعد قيام الثورة كانت الدولة تدعونا للمشاركة في الحفلات...ومن وجهة
نظري أن الفنان بحاجة إلى المهرجانات أو الحفلات ؛لأنها كانت هي التي تقدمنا إلى
الجمهور ،كما أنها ماتزال حتى اليوم هو محك اختبار موهبة الفنان،الذي يكون
الفنان وجها لوجه أمام الجمهور .
مشكلتنا
مواهبنا .. الاحتراف!
*لكن في الوقت الراهن صار هناك الكثير من الوسائل لتقديم الفنان؛فالفضائيات
وشركات الإنتاج بات تقدم لنا ربما يوميا الكثير من الأسماء الجديدة .. لكن حتى هذه
الفوضى الموسيقية التي تحدثها الفضائيات اليمن غائبة عنها؛لأنها تعيش مرحلة متأخرة
أي أنها لم تدخل بعد هذه المرحلة ... فالفوضى الموسيقية في اليمن – حسب تعليق
احدهم – مختلفة ومتخلفة..ما رأيك؟
- صحيح بات يتوفر للفنان في الوقت الراهن كثير من الوسائل لتقديمه ؛إلا أن
المهرجانات تبقى هي الوسيلة الأهم.أما بخصوص حال اليمن الموسيقية الراهنة مقارنة
بما هي عليه بقية البلدان فذلك يعود إلى أن الاستثمار في مجال الفضائيات والإنتاج
الفني لايزال مجالاً محفوفاً بالمخاطر في نظر رجال الأعمال في هذا البلد، في ظل
تراجع الدولة عن الاستثمار وتقديم نموذج ايجابي في ظل ما يزخر به اليمن من تراث
كبير ومتنوع يقل وجوده في بلد آخر، بالإضافة إلى المواهب الشابة الكثيرة في هذا
المجال ،أي أن المشكلة ليست في افتقار اليمن للمواهب؛ففي اليمن مواهب وكوادر
موسيقية وغنائية شابة كثيرة..لكن هذه المواهب بالإضافة إلى افتقارها لتواصل مستمر
مع التراث حتى تستوعبه،تفتقر للرعاية والاهتمام الذي يصل بهذه المواهب إلى
الاحتراف...أي أن ما نفتقده في اليمن هو (الاحتراف)...والاحتراف الذي نفتقده في مجال
الموسيقى والغناء باليمن في الوقت الراهن ،هو احتراف يبدأ من الشاعر ويمر بالملحن
ويصل إلى العازف والفرق الموسيقية وصولا إلى المؤدي؛فهؤلاء - للأسف - غير موجودين ..
وعندما تكون هذه العناصر(المحترفة) متوفرة حينها يمكن الحديث عن مرحلة جديدة في
الموسيقى والغناء في اليمن.
* وتحديداً من المسؤول عن كل هذا ؟
- الجهة المسئولة عن الغناء هي وزارة الثقافة؛فالدولة لا تولي الفن
وبخاصة الموسيقى الاهتمام؛فهي لا ترعى الفنانين ولا تحتضن المواهب و لا تدفع بها
إلى الاحتراف ،ولا تولي الساحة الفنية الاهتمام الذي يضبط أحوالها ويرتقي بنشاطها..
* لكن لو تأملنا تجارب الفنانين الرواد وأنت منهم لوجدنا أن الدولة لم
ترع مواهبكم..بل على العكس عانيتم منها معاناة قاسية وعلى الرغم من ذلك حققتم هذا
النجاح الكبير...إلى متى ستظل الدولة تتحمل مسؤولية كل شيء ؟
- ستظل تتحمل مسؤولية كل شيء حتى يكون هناك مجتمع يحيا ويتعايش مع بعضه
وفق تقاليد تضبط إيقاع علاقته بكل مجال من مجالات حياته...وفي حال بقاء تلك
التقاليد غائبة يصبح الحديث عن مسؤولية الدولة هو الحديث الأهم.لقد كانت هناك
تقاليد فنية راسخة في الوسط الفني في الفترة التي وجدنا فيها.نحن وُجدنا في مرحلة
كانت تزخر بكثير من القيم والتقاليد الفنية التي كانت وقود إصرارنا باتجاه تحقيق
ذواتنا والتغلب على كثير من الصعاب..كنا في الماضي نغني أمام الجماهير في حفلات
تقيمها الدولة،لكن الجهات المعنية اليوم لا تقيم حفلات موسيقية،وبالتالي فقد حرمت
الفنانين الشباب من أهم نوافذ إطلالتهم على الجماهير..وافتقاد الفنانين الشباب إلى
هذه الحفلات الجماهيرية هو جزء من الإهمال الذي يعانون منه؛فهم محرمون من الحفلات
في سياق حرمانهم من التأهيل والرعاية وبالتالي حرمانهم من (الاحتراف ) بل لم تعد
هناك تقاليد راسخة في الوسط الفني...وهذا الواقع من الطبيعي انه لا ينتج مواهب
موسيقية كبيرة ؛و لهذا السبب لم تظهر في اليمن في السنوات الأخيرة أسماء فنية
كبيرة في الموسيقى والغناء.
* فيما يتعلق بتجربتك في رئاسة لجنة الغناء في جائزة رئيس الجمهورية
للشباب في السنوات الماضية،كيف تقيم مستوى المواهب الموسيقية التي تتنافس على هذه
الجائزة من الفنانين الشباب ؟ وهل وجدت من بين المتقدمين موهبة كبيرة في الموسيقى
والغناء تحتاج فقط للرعاية والاهتمام؟
- من واقع رئاستي للجنة الغناء لجائزة رئيس الجمهورية للشباب السنوية ،والتي
تلتقي المواهب الفنية من الشباب كل عام لاختيار أفضلهم لنيل الجائزة، لم أعثر على
موهبة موسيقية كبيرة،وعندما أقول موهبة كبيرة فانا أقصد امتلاك هذه الموهبة لكفاءة
في الغناء العربي بوجه عام واليمني بوجه خاص..هذه المواهب لا توجد، أي انه لا توجد
مواهب موسيقية كبيرة وحقيقية في اليمن في جيل الشباب.وهذا ناتج إلى عدم تقديم
التراث الغنائي اليمني الغزير والمتنوع من خلال فرق موسيقية على أسس علمية تعتمد
النوتة ،كما تعتمد في تقديم هذا التراث بجانب الفرق الموسيقية الكاملة على أصوات
جميلة من الجنسين.. و أنا أرى ،في ظل هذا الواقع الذي تفتقر فيه اليمن لهذه الفرق
وهذه الأصوات من المواهب الكبيرة ،أن تعمل الجهات المعنية على تعويض ذلك ،بالإسهام
المدروس في جمع وتوثيق التراث الموسيقي اليمني.
القضية
..الأغنية
* عودة إلى تجربتك .. وتحديدا إلى البدايات..كيف تسللت السياسة إلى
تجربتك الغنائية وتبلورت في تلك العلاقة المتميزة التي جمعتك
بالأغنية الوطنية ؟
- لقد كان لعلاقتي بالندوة الموسيقية العدنية ونادي الشباب الثقافي
تأثيرها في هذا التحول حيث كانت الندوة والنادي يضمان مجموعة من الشباب المثقفين
المتحمسين ،وكنت أجيد السماع لمحاوراتهم حتى صرتُ أشارك في نقاشاتهم ،زد على ذلك
اقترابي كثيراً من الصديق محمد سعيد مسواط ،الذي اثر كثيراً في تكويني النفسي والعقلي
بثقافته الواسعة ومتابعته للنشاط الفكري على المستوى المحلي والعربي والعالمي
متابعة عميقة ودقيقة ،وكان له باستمرار
آراءه ومواقفه من معظم ما يدور بما فيها القضية اليمنية التي كان حينها من اشد
المتحمسين لها،وبلغ تأثري بالمسواط مداه البعيد ..وكان يحثني على دور فن الغناء في
القضية الوطنية ،وأن التراث الغنائي له دوره الهام في وحدة الوطن والشعب .لقد كانت
المناقشات السياسية تستحوذ على كل شيء في ذلك الوقت ومنها اهمية وضرورة دور
الثقافة والفنون في الحركة الوطنية .بدأت اهتم بالسماع ،ثم انصب اهتمامي على
القراءات السياسية والفنية محليا وعربيا....وهكذا
أخذت تجربتي تتبلور سياسيا وتتعزز علاقتها بالقضية الوطنية.. ومن الوعي بالقضية
الوطنية تشكلت وتبلورت علاقتي بالأغنية السياسية والوطنية .
* تعد ممن أسهموا فيما يعرف بالتجديد الغنائي في اليمن..إلى ماذا استندت بدرجة
رئيسة في خوض هذه التجربة ؟
- استندت إلى معرفة تدرجت من خلالها في استيعاب الفنية اليمنية بدء
مما كان يطلق عليه الأغنية العدنية وصولاً إلى ما صار يوصف حينها بالأغنية
الجنوبية وانتهاء إلى استيعاب الفنية على مستوى اليمن الطبيعية،حيث أدركتُ في كل
مرحلة من المراحل أن ثمة روح واحدة تسري في كل هذه الألوان الغنائية التي تتمتع
بها مناطق اليمن...فانطلقت ادرس فن الغناء اليمني واستوعب تراثه وأساليبه اللحنية
ومنه إلى إعادة تقديمه برؤية تجديدية لا تختلف مع التراث ولا تختصم مع الجديد ... ومن هنا أدعو الفنانين الشباب
إلى الاهتمام بالتراث الموسيقي لبلدانهم ؛فالتراث الموسيقي الوطني لدى علماء
الموسيقى العرب هو الوجه الحضاري الوحدوي في الفنية الموسيقية،وبالتالي فعلى
الفنان الموسيقي أن يستوعب تراث بلده الذي هو جزء هام من التراث الموسيقي العربي ،ومن
ثم إذا كان مبدعاً؛فانه يستطيع أن يحقق الإضافة إلى تراث بلده في إبداعاته
الموسيقية،وهذه الإضافة هي الفنية الوحيدة التي تحسب له،ما عدا ذلك يدخل في الفنية
التجارية المشاعة في سوق الغناء العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق